يوم الافتتاح .. !!
يوم الافتتاح للحديقة كان مجهزاً لعرضه على التلفاز لمدة 90 دقيقة على الهواء مباشرة .. وسيكون أعلى البرامج التلفزيونية مشاهدة في ذلك اليوم .. لأن الحديقة سببت ضجة إعلامية كبيرة في وقتها .. وكانت قرابة ال 20 كاميرا موزعة حول أرجاء الحديقة .. لتعرض المناطق الأكثر جاذبية .. ولكن في الحقيقة كانت هناك بعض المشاكل التي لم يتوقع حصولها .. فقد تعطلت بعض النوافير .. ووجدت بعض المناطق المتسخة .. وكانت هناك أزمة سير طرق ظهيرة ذلك اليوم .. مع أن الحديقة لن تفتتح إلا في المساء .. وقد تمكن والت ديزني المرتبك .. من إصلاح تلك المشاكل بسرعة .. وكان يحس بأن هناك ما سيفسد هذا الافتتاح .. لكن هذا إحساسُ كل شخصٍ لو كان في مكانه ...
تطايرت بالونات الفيل .. (( Dumbo )) .. بالهواء - أحد أعمال ديزني - .. وقد جُهزت بعض القوارب لإتمام العملية الترفيهية للضيوف .. أما جزيرة .. (( Tom Sawyer )) .. فقد جهزت أخيراً.. وتم الافتتاح .. ودخلت الأفواج منبهرة .. لم تشهد هذا الجمال من قبل .. وهذه المتعة .. وتلك الأفكار .. كانت أعين كبار الزوار وصغارهم شاخصة في ضخامة الحديقة .. وكبر الشخصيات .. والأضواء الملونة .. وكان ديزني يرحب بهم .. ويعمل ما يتوجب عليه عمله .. كدليل لهم ..
وفي يومنا هذا من منا لم يسمع عن الحديقة ؟ .. تلك المدينة الضخمة .. التي تعتبر أكبر حديقة منوعة لاقتها البشرية .. نجد فيها الطول والعرض .. والفنادق والأسواق .. والملاعب والملاهي .. والحيوانات والأسماك .. وما فوق الأرض وما تحتها .. ومنها ما يوجد في قعر البحر .. أصبحت مملكة .. تستعرض الفن والمتعة .. في أراض عديدة .. لا نرى أولها من آخرها .. على سبيل المثال .. (( Fantasyland )) و (( Frontierland )) والكثير .. تمتاز كل أرض بنغمة خاصة بها .. وجوّ مختلف .. يميزها عن الأرض الأخرى ..
باعتبار أن والت ديزني منشغل بديزني لاند .. فليس غريباً أنه غير قادر على أن يكرس لأفلام الاستديو كما كان سابقاً .. ولكن هذا لا يعني بأن الاستديو لم ينتج روائع كما كان سابقاً .. فقد أنتجت أفلام ناجحة جداً في فترة عمل ديزني بالحديقة .. لأذكر بعضاً من الأفلام الرسومية مثل .. (( Lady and the Tramp )) .. أنتج في 1955 .. وهو رواية تم تحويلها إلى فيلم كرتوني مذهل .. يتحدث عن الكلاب وما تمرّ به من مشاكل وأمور عاطفية ومغامرات جميلة .. بأسلوب كوميدي لا يفوت .. كما أنتج أيضاً .. (( Sleeping Beauty )) .. في عام 1959 .. والذي لاقى إعجاباً من الجمهور .. لنعومة القصة وتتابع أحداثها المفاجئ .. رشح لجائزة الأوسكار لأفضل موسيقى - كالعادة - .....
كما أنني أحب أن أشير إلى أنه تم وضع صنف جديد من أفلام ديزني ما يسمى ب .. (( Live-Action Films )) .. وهي التي تكون حية .. غير رسومية .. مثل .. (( Old Yeller )) .. والذي يتحدث عن طفل أحضر كلباً إلى العائلة .. فيحبهم الكلب ويحبونه .. وتحصل مواقف عديدة تزيد من حبهم لبعض .. (( Darby O'Gill and the Little People )) .. أحد الأفلام الجيدة .. لكن هذا الصنف الجديد .. ليس كالأفلام الرسومية في الحبكة والإبداع .. فلم يحتو على أفلام رائعة ومتميزة .. إضافة لذلك فلم يلق النجاح المالي في شباك التذاكر .. ولا في جوائز الأوسكار ..
وفي بداية عام 1946 .. والت ركز معظم انتباهه على أفلام الشاشة الكبيرة ... كان أهمها .. (( Mary Poppins )) .. وقد حاول والت وروي الحصول على حقوق الكتاب .. من الكاتب .. (( P.L. Travers )) .. لسنين مضت .. وأخيراً نجحا في ذلك .. وكانت العلاقة بين والت وترافيرز نوعاً ما خشنة أثناء صنع الفيلم .. وفي العمل .. أحضر ديزني أفضل كاتبي الأغاني عنده .. الأخوين (( Richard Sherman )) .. و (( Robert Sherman )) .. اللذان أضافا لمسات عميقة للفيلم .. وجعلا والت ديزني يعشق أغنية .. ((Feed the Birds )) ..
عرض الفيلم في 27 أغسطس عام 1946.. محققاً بذلك نجاحاً مرئياً ضخماً من الجمهور .. وحتى النقاد .. وعندما حل وقت تقدير الأفلام الانتقادي .. رشح الفيلم ل 13 جائزة أوسكار ! .. فاز بخمسة منها .. عن أفضل ممثلة وهي بطلة الفيلم (( Julie Andrews )) .. وأفضل مؤثرات .. أفضل تحرير فيلم .. وأفضل موسيقى أخذها الأخوة شيرمان .. وأفضل مقطوعة موسيقية نالاها هما أيضاً للأغنية .. (( Chim Chim Cher-ee )) .. وأما الترشيحات فهي متنوعة بين أفضل فيلم وأفضل إخراج وصوت وغيرها ..
في الحقيقة كانت هذه الفقرة أثقل الفقرات عليّ .. لا أعلم .. هل بسبب نهاية مشوار السيرة .. أم غير ذلك ..
عموماً .. فلنواصل معاً ..
بعد النجاح العظيم الذي حققه ديزني في .. (( Mary Poppins )) .. ونيل هذا الفيلم 13 ترشيحاً للأوسكار ... دخل والت ديزني أواسط الستينات .. ليتم 63 سنة من عمره .. غير أن مشاريعة الفنية كانت قليلة في تلك الفترة .. إلا أن مشاريعة التعليمية ليست بالهينة أبداً .. وأعني بذلك .. بناء جامعة تعليمية لأنواع الفنون المختلفة ... تملك طرقاً جديدة ومنفردة في تعليم الفنون ..
السبب الذي جعل والت يفكر بذلك .. هو إحساسه الدائم .. بأن عليه تعليم الجيل الجديد .. ليكون مستعداً لمواصلة وتعلم الفنون .. وتقديمها في المستقبل .. وبذلك يشعر بأنه أنجز عملاً يخدم الفن ... تخطيط سليم .. يدل على كرم ديزني .. ونظرته المخلصة ....
أُطلق على الجامعة اسم .. (( CalArts )) .. وهي اختصار لِ .. (( Chouinard Art Institute )) .. و .. (( Los Angeles Conservatory of Music )) .. وتعني .. (( معهد تشونارد الفني )) .. و .. (( ومعهد التعليم الموسيقي في لوس أنجلوس )) .. ليتخرج الطلاب من هذه الجامعة من مجالات عديدة .. كالدراما , الرسم المرئي , الموسيقى , الرقص , وصنع الأفلام ..
..
تم افتتاح .. (( CalArts )) .. في عام 1961 .. واستمرّ المشروع في النمو .. وعلى الرغم من ذلك .. إلا أن هناك مشروعاً آخر .. يجول في تفكير ديزني .. يطلق عليه اسم مشروع فلوريدا .. (( Florida Project )) .. المزعوم .....
هذا المشروع خصصت له منطقة تبلغ ضعفي جزيرة مانهاتن ! ... في وسط فلوريدا .. بالطبع هذا المشروع سوف يتضمن ملاهي كديزني لاند .. لكن هذا ليس ما يود والت عمله فقط .. إنه يخطط لعمل تجربة لبقية حياته .. في بناء مدينة من نوع جديد كلياً ! .. (( كم هو طموح )) ... مدينة .. سيفكر سكانها باستخدام أفضل وسائل المواصلات , الصحة , والاتصالات ..
كان له زميل يدعى .. (( John Hench )) .. وهو بمثابة ساعده الأيمن في هذا المشروع .. وقد بدأ العمل مع ديزني منذ عام 1939 .. عموماً .. أطلق والت على المشروع الضخم اسم .. (( EPCOT )) .. اختصاراً لِ .. (( Experimental Prototype Community of Tomorrow )) .. لم تكن خطوة تاجرٍ عشوائية .. إنما درس بنفسه .. وخطط .. ورسم .. والأهم من ذلك ابتكر ! .. أنواع جديدة من سبل الحياة .. أراد أن يستخدم موهبته الإبداعية في هذه المدينة ...
وقد قررت عائلة ديزني في ذلك الوقت .. أن تقوم بنزهة جماعية لزيارة مياه كولومبيا البريطانية .. وكان والت من بينهم .. إلا أنه استغل أوقات الراحة في قراءة كتب تتحدث حول تخطيطات المدن ...
مع الأسف .. والت ديزني لم يستطع أن ينفذ مشروعه بنفسه .. على الرغم من أن مشروع .. (( EPCOT )) .. متواجد اليوم .. إلا أنه ليس من تنفيذ والت .. وليس كما كان يتصور .. باختصار .. وافته المنية قبل إتمام هذا المشروع .. ولم ير حلمه يتحول إلى حقيقة ........
بعد وقت متأخر ... وفي عام 1966 .. أصيب والت ديزني بسرطان الرئة .. بعد سنين طويلة من التدخين .. وتحديداً منذ أن دخل الجيش .. طمأن والت عائلته بأن لا يقلقوا .. وأن كل شيء على ما يرام .. وفعلاً مع البرنامج العلاجي ذهب السرطان بسرعة .. ولكن في يوم الإثنين .. السابع من نوفمبر .. أخبر الجراح المتخصص ليليان .. وديان وشارون .. بأن السرطان قد انتشر .. وليس هناك أي إمكانية في علاجه .. وقد يملك والت سنتين وستة أشهر للحياة .. كتوقيت متوقع .....
كل ما كان ديزني يستطيع فعله .. هو زيارة الاستديو .. وقضاء آخر لحظات عمره فيه ... وقد كان العمل جارياً على .. (( The Jungle Book )) .. الذي رشح لجائزة أوسكار أفضل موسيقى .. للملحن .. (( Terry Gilkyson )) .....
كما أنه أراد أن يقضي وقتاً مع العائلة ... وقد كان سعيداً جداً .. فهو استغل حياته في تنفيذ كل ما يريد ... وقد نجح فيها فعلاً .. فقد نال 950 جائزة تقديرية .... كان من ضمنها 48 جائزة أوسكار ! .. بين فوز وترشيح .. وسبعة جوائز إيمي .. والكثير من الجوائز الشخصية والأوسمة العديدة ... كشهادات جامعات هارفرد .. وييل .. ولوس أنجلوس .. وكالفورنيا طبعاً والعديد من ذلك .. إضافة إلى الأوسمة الوطنية ... مثل وسام التاج الملكي من تايلاند .. ووسام نسر الأزتيك نالها من المكسيك .. ووسام الشرف من الجيش الفرنسي .. ووسام فنان العالم .. ناله من بريطانيا .. تحديداً من جمعية الفنون المسرحية .....
وعاد إلى المستشفى في 30 من نوفمبر ... مستشفى سانت جوزيف في كاليفورنيا .. ونام نومته الأخيرة .. في 30 ديسمبر 1966... والت ديزني .. هذا الشخص الذي عانى في طفولته الشقاء .. والتعذيب من والده .. هو الشخص الذي عانى من أجل أن يرسم البسمة على وجوه الجميع .. مقابل حياته بأسرها ......
وبهذا .. رفع العلم الأبيض من على الاستديو ... وكأنه يقول ذهب الملك .. ولن يأتي مثله أبداً .. مات هذا الشخص .. إلا أن اسمه يبقى في ذاكرة كل من يحترم الإبداع والموهبة ...
روائع ديزني الخالدة:-
سنووايت و الأقزام السبعة:-